المستجدات القانونية في تدبير أراضي الجماعات السلالية
- مقاربة النوع والادماج الاجتماعي والاقتصادي للنساء السلاليات-

السياق العام

بناءا على التوجيهات السامية الواردة في خطابي صاحب الجلالة الملك محمد السادس بمناسبة افتتاح البرلمان سنة 2018 ، وبمناسبة الذكرى ال 66 لثورة الملك والشعب، وكذا الرسالة الملكية السامية إلى المشاركين في المناظرة الوطنية حول " السياسة العقارية للدولة ودورها في التنمية الاقتصادية والاجتماعية " في دجنبر 2015 بالصخيرات، وانسجاما مع مخرجات الحوار الوطني حول الأراضي الجماعية، واستئناسا بمختلف الاقتراحات المستخلصة من عدة لقاءات وأيام دراسية على مختلف المستويات الترابية و المركزية ، تم الحرص على تكريس حقوق المرأة السلالية من خلال القانون رقم 62.17 بشأن الوصاية الإدارية على الجماعات السلالية وتدبير أملاكها، والقانون رقم 63.17 المتعلق بالتحديد الإداري لأراضي الجماعات السلالية والقانون 64.17 المتمم والمغير لظهير 25 يوليوز 1969.
هذا وتجدر الإشارة الى ان مصالح وزارة الداخلية الوصية على الجماعات السلالية قد سبق وأن اتخذت مبادرات عديدة في هذا الشأن لحماية حقوق المرأة السلالية التي ظلت محكومة بإطار الأعراف والتقاليد الجماعية حسب كل منطقة وجهة، وتتجلى بالخصوص فيما يلي:

  • • الدورية رقم 60 بتاريخ 25 أكتوبر 2010 التي تم تعميمها على عمالات وأقاليم المملكة تحث على تمكين النساء السلاليات من الاستفادة من التعويضات العينية والمادية الناتجة عن المعاملات العقارية التي تعرفها أراضي الجماعات السلالية عن طريق الكراء أو التفويت أو الشراكة وذلك إسوة بأعضاء الجماعة الرجال.
  • • الدورية الوزارية رقم 17 بتاريخ 30 مارس 2012 تدعو إلى استفادة النساء السلاليات من حق الانتفاع من أراضي الجماعات السلالية موضوع تقسيمات جديدة من طرف الهيئات النيابية.
  • • تمكين النساء السلاليات من طرف مجلس الوصاية من نصيبهن في الانتفاع بأراضي الجماعات السلالية بعد وفاة موروثهن.

مستجدات النصوص القانونية في تدبير الاراضي الجماعية - مقاربة النوع

لقد نص القانون رقم 62.17 على مجموعة من المقتضيات التي شكلت تكريسا لمبدأ المساواة بين المرأة والرجل أعضاء الجماعات السلالية في حقوق والواجبات فيما يخص استغلال أراضي الجماعات السلالية والاستثمار فيها والانتفاع منها، طبقا لأحكام الفصل 19 من دستور المملكة والذي نص على ما يلي: "يتمتع الرجل والمرأة، على قدم المساواة، بالحقوق والحريات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية, الواردة في هذا الباب من الدستور, وفي مقتضياته الأخرى، وكذا في الاتفاقيات والمواثيق الدولية, كما صادق عليها المغرب, وكل ذلك في نطاق احكام الدستور و ثوابت المملكة و قوانينها......"
هذا وحرص المشرع في مواد هذا القانون في مختلف أبوابه على استعمال عبارات "ذكورا وإناثا"، مع استعمال واو العطف درءا لكل لبس. وقد تكرر استعمال هاته العبارة خمس مرات في هذا نص هذا القانون وقد ارتبطت بما يلي:

حق الانتفاع
وعليه فقد تم التنصيص بشكل صريح وواضح على أحقية النساء السلاليات في الانتفاع بأملاك الجماعات السلالية وفق التوزيع الذي تقوم به جماعة النواب تبعا للكيفيات والشروط المحددة في المرسوم التطبيقي رقم 2.19.973 بتطبيق أحكام القانون رقم 62.17.
كما نصت المادة 16 من القانون رقم 62.17 بشأن الوصاية الإدارية على الجماعات السلالية وتدبير أملاكها على أنه "يتم توزيع الانتفاع بأراضي الجماعات السلالية، من طرف جماعة النواب، بين أعضاء الجماعات، ذكورا واناثا، وفق الشروط والكيفيات المحددة بنص تنظيمي. "
وأيضا نصت المادة 6 من القانون رقم 62.17 على انه "يتمتع أعضاء الجماعات السلالية، ذكورا واناثا، بالانتفاع بأملاك الجماعة التي ينتمون اليها، وفق التوزيع الذي تقوم به جماعة النواب المشار اليها في المادة 9 من هذا القانون، ولا يخولهم هذا الانتفاع الا الاستغلال الشخصي والمباشر للأملاك المذكورة."
وتجدر الإشارة الى أن مفهوم الاستفادة من أملاك الجماعات السلالية في مجموع مواد القانون رقم 62.17 وكذا مرسومه التطبيقي اقترن بتحديد جنس المستفيد "ذكورا وإناثا" بشكل متساو مع استعمال واو العطف، درءا لكل لبس قد يطال تأويل هذه المقتضيات القانونية.
هذا و قد استفادت 474 امرأة سلالية بإقليم الرشيدية من استغلال 2025 هكتار في إطار عقود كراء من مجموع 11057 هكتار.

حق تمثيلية الجماعة السلالية كنائبة
بالإضافة إلى تقرير حق المرأة السلالية في الانتفاع، أقر المشرع بموجب المادة 9 من القانون رقم 62.17 كذلك أحقيتها في تمثيل الجماعة السلالية التي تنتمي اليها كنائبة أمام المحاكم والإدارات والأغيار والقيام بالتصرفات القانونية التي تهم الجماعة مع مراعاة الاختصاصات المسندة لوزير الداخلية ولمجلسي الوصاية الإقليمي والمركزي.
من بين أكثر من 7000 نائب جماعة سلالية، تشكل النساء نائبات الجماعات السلالية عدد محدود في الوقت الحالي، الا ان القوانين الجديدة تحث وتشجع على ا دماج النساء في إطار نيابة الجماعات السلالية.
وتسند للنائبات السلاليات نفس مهمة النواب حيث يتكلفن و فقا للقانون 62-17 و نصه التطبيقي، الفقرة الأولى من المادة 17 من المرسوم رقم 2.19.973 بتطبيق أحكام القانون رقم 62.17 ما يلي "تختار جماعة النواب من بين أعضاء الجماعات السلالية، ذكورا واناثا، الشخص أو أشخاص الذين تتوفر فيهم الشروط اللازمة للاستفادة من الانتفاع."
حيث تعتبر نائبة الجماعة السلالية الممثلة القانونية للجماعة السلالية التي تنوب عنها، وهي تقوم بهذه الصفة بعدة مهام لها ارتباط وثيق بشؤون الجماعة وتدبير ممتلكاتها حيث تتدخل في:

  • • كل ما يتعلق بتدبير العلاقات بين أعضاء الجماعات السلالية،
  • • تدبير العلاقات بين أعضاء الجماعات السلالية ومصالح الوصاية،
  • • في جميع المعاملات والتصرفات التي ترد على أملاك هذه الجماعات من تثمين، كراء وتفويت في مختلف المجالات.
  • • انجاز المشاريع التنموية وخلق فرص الشغل والدخل لفائدة أعضاء الجماعة وادماجها في التنمية.
  • • تتبع المساطر المتعلقة بالحفاظ على هذه الأملاك وتصفية وضعيتها القانونية.
  • • تتبع المعاملات القانونية ونزاعات من اجل الحفاظ على الممتلكات الجماعية.

وارتباطا بأحقية النساء في الموارد المالية المتأتية من المعاملات التي ترد على أملاك الجماعات السلالية، أكدت المادة 27 من القانون رقم 62.17 على ما يلي "يمكن أن توزع هذه الموارد كلا أو بعضا على أعضاء الجماعة السلالية، ذكورا واناثا، إذا طلبت ذلك جماعة النواب وبعد مصادقة مجلس الوصاية المركزي"
وتـأسيسا على ما سبق، فإن الإطار القانوني الجديد اعطى الأحقية للمرأة السلالية في الانتفاع بأراضي الجماعات السلالية وكذا من كافة العائدات المتأتية من المعاملات التي ترد على أملاك هذه الأخيرة متى توفرت فيها المعايير والشروط القانونية للانتفاع على قدم المساواة مع الرجل السلالي.
و قد استفادت في الفترة الممتدة ما بين 2015و 2022 اكثر من 109000 امرأة سلالية من توزيع المدخرات بنسبة تناهز 38% من مجموع المستفيدين.

حق الاستفادة من عملية التمليك بالمدرات السقوية
كما قام المشرع طبقا لمقتضات الظهير الشريف رقم 1.69.30 بتاريخ 10 جمادى الأولى 1389 المتعلق بالأراضي الجماعية الواقعة في دوائر الري، كما تم تغييرة وتتميمه بموجب القانون 17- 64، بالتأكيد على ضرورة استفادة النساء السلاليات من ملكية البقع الأرضية الفلاحية بالمجالات البورية طبقا للمساطير المعمول بها، عن طريق انجاز مشاريع فلاحية منتجة.
وقد استفادت أكثر من 14000 امرأة سلالية من عملية التمليك بالمجالات السقوية في إ طار مشروع تمليك الأراضي الفلاحية المتواجدة بدوائر السقي بشراكة مع وكالة تحدي الألفية.

حق الاستفادة من عملية التمليك بالمجالات البورية
كما أجاز المشرع بموجب المادة 17 من القانون رقم 62.17 "..... لفائدة عضو او عدة أعضاء بالجماعة السلالية المعنية، ذكورا وإناثا..." إمكانية تقسيم أراضي الفلاحية التابعة للجماعات السلالية، والواقعة خارج دوائر الري وغير المشمولة بوثائق التعمير واسنادها على وجه الملكية المفرزة أو المشاعة، لفائدة النساء السلاليات والرجل السلالي وذلك في إطار المساطير المعمول بها.

image 1 image 2

حق الاستفادة من عملية التمليك بالمجالات البورية
تطبيقا لمقتضيات المادة 26 من القانون 62.17 والتي تتيح استعمال موارد الجماعات السلالية لتمويل وانجاز مشاريع اجتماعية وتنموية لفائدة افرادها. فتقوم الوصاية بالعناية بالأوضاع الاجتماعية والاقتصادية لنساء الجماعات السلالية، عن طريق دعم المشاريع والأنشطة المدرة للدخل والشغل لفائدة تعاونيات ذوي الحقوق. ويستفيد من هاته المشاريع نساء ورجال الجماعات السلالية على حد سواء. ويتجلى هذا الدعم في المساهمة المالية في إطار شراكة، تعبئة العقارات السلالية، والمواكبة والتأطير وتوفير الدعم التقني عل طريق عقد شراكات.
وقد تم دعم أكثر من 1000 مشروع ونشاط مدرة للدخل بالفترة ما بين 2017-2021 واستفاد منه أكثر من 100 تعاونية منتجة بجميع أقاليم المملكة. تهم المجالات التالية:

  • - الزراعة، التشجير وغرس الأشجار المثمرة،
  • - اقتناء آليات وتجهيزات فلاحية في إطار مشاريع فلاحية،
  • - تربية النحل وإنتاج العسل،
  • - تربية المواشي، الدواجن، الارانب، والحلزون وغيرها من مجالات تربية الاحياء.
  • - احداث تجزءات فلاحية لفائدة أعضاء الجماعات السلالية في إطار توزيع حق الانتفاع من اجل الاستغلال الفلاحي للأفراد،
  • - بناء وتجهيز وحدات تحويلية لتثمين المنتجات الفلاحية والرفع من قيمتها المضافة،
  • - زرع وتثمين المنتجات المجالية كالخروب والأعشاب الطبية والعطرية، الزعفران، الورود، وغيرها من المنتجات التي تهم تنمية مجالات محددة.
  • - تحسين وتهيئة المراعي الجماعية لفائدة افراد الجماعات السلالية.
  • - المهن الغير الفلاحية، كالصناعة التقليدية، الصناعة الغذائية، السياحة القروية،

وقد استفاد من هذا الدعم أكثر من 64000 منخرطة ومنخرط بالتعاونيات وتشكل نسبة النساء ما يناهز 40 في المئة من المستفيدين.
كما تم دعم تعاونيات نسوية مكونة فقط من نساء سلاليات تنشط في مجالات عدة وبالخصوص الأنشطة المدرة للدخل في مجالات تربية الدواجن والارانب والحياكة والمخابز وانتاج الكسكس وتثمين النباتات العطرية والطبية، تثمين الورود والزعفران...

image 3 image 4 image 5

حق الاستفادة من المشاريع الاجتماعية والثقافية ذات الطابع النسوي
كما تقوم الوصاية بدعم مشاريع الولوج للخدمات العمومية وفك العزلة حيث تم خلال سنة 2021، المساهمة في انجاز أكثر من 180مشروع لفائدة 127 جماعة سلالية، وتستفيد النساء كما الرجال من هاته المشاريع على حد سواء.
اما أبرز المشاريع الاجتماعية والثقافية التي تهم النساء السلاليات، فتتجلى في مشاريع النوادي والمراكز النسوية، دور الامومة، دور الطالبة، المراكز الثقافية، دور الحضانة حيث تم انجاز أكثر من 126 مشروع بهاته المجالات بمختلف جهات المملكة.

image 6 image 7 image 8

حق الاستفادة من المشاريع الاجتماعية والثقافية ذات الطابع النسوي
تبعا لما سبق، تعتبر إشكالية المرأة السلالية من اهم المواضيع التي تسهر الوصاية على العناية بها، خاصة في ظل القوانين الجديدة. كما انه هنالك العديد من الافاق التي يمكن ان تستفيد منها المرأة السلالية و خصوصا في ظل الاوراش الكبرى التي تهم تدبير وتثمين الأراضي الجماعية. فيمكن ان تستفيد المرأة السلالية من اوراش:

  • 1) تعبئة العقارات الجماعية لفائدة أعضاء الجماعات السلالية عن طريق الكراء في إطار تشجيع الاستثمار وانجاز مشاريع استثمارية، حيث يمكن للنساء السلاليات الاستفادة من كراء عقارات استثمارية اسوة بالرجال في اطار احترام شروط الاستفادة، و تهم عمليات الكراء عدة مجالات كالمجالات الفلاحية و الغابوية و التجارية و الصناعية و الخدمات و كذا المقالع.
  • 2) التمليك بالمجالات البورية عن طريق الاستفادة من ملكية البقع الأرضية الفلاحية طبقا للمساطير المعمول بها، عن طريق انجاز مشاريع فلاحية منتجة ومدرة للشغل و الدخل.
  • 3) التمليك بالمدرات السقوية عن طريق الاستفادة من بقع أرضية فلاحية حيث يتم إدراج النساء في لوائح ذوي الحقوق و مواكبة النساء والرجال ورثة ذوي الحقوق المتوفين إلى إصدار شهادة الإراثة والاستفادة من عملية التمليك.
  • 4) الاستفادة من المشاريع المنتجة والأنشطة المدرة للدخل والشغل لفائدة النساء السلاليات في تقاطع مع مختلف السياسات القطاعية الحكومية، عن طريق التكوين في تعاونيات، والاستفادة من الدعم المادي وتعبئة العقارات، و كذا التأطير و التكوين و تقوية المهارات و الكفاءات الذي توفره الوصاية.
  • 5) وأخيرا، الاستفادة مع عمليات تحسين السكن والولوج للمرافق الاجتماعية و الثقافية و الاقتصادية العمومية.

كما تحرص مديرية الشؤون القروية على إيلاء موضوع المرأة السلالية عناية خاصة تشجيعا منها للتمكين الاقتصادي و الادماج الاجتماعي للنساء في جميع المجالات ، وتسهر كذلك على محاربة جميع اشكال التميز والتحيز في التدبير الإداري لملفات و عمليات استغلال واستفادة افراد الجماعات السلالية رجالا و نساءا من أراضيها ، تطبيقا لمختلف المقتضات القانونية الجديدة، كما تحث المصالح الترابية على السهر الدائم من اجل دعم و استفادة النساء السلاليات اسوة بالرجل من جميع مكونات تدبير الوعاء العقاري السلالي و الانشطة المرتبطة به.

أعلى الصفحة