• استقبال
  • الأوراش الإستراتيجية
  • تمليك الأراضي الفلاحية المملوكة للجماعات السلالية لفائدة ذوي الحقوق

تمليك الأراضي الفلاحية المملوكة للجماعات السلالية لفائدة ذوي الحقوق

يخول الإطار القانوني المتعلق بالجماعات السلالية وتدبير أملاكها لأعضاء هذه الجماعات حق الانتفاع بأراضي جماعتهم بصفة مشتركة عن طريق الرعي، أو الانتفاع بصفة فردية بقطع أرضية محددة لأغراض فلاحية.

وإذا كان نمط الاستغلال عن طريق الانتفاع يمكن أعضاء الجماعات السلالية المالكة من الاستفادة من الأراضي العائدة لجماعتهم فإن هذه الاستفادة تبقى محصورة في ممارسة نمط فلاحي معيشي، ولا تسمح بتطوير الإنتاج الفلاحي والرفع من المردودية، ويرجع ذلك إلى طبيعة العلاقة بين المستفيد من الانتفاع والأرض التي يستغلها.

ذلك أن الانتفاع بالأرض، عكس الملكية، لا يشجع المعنيين على إنجاز الاستثمارات الضرورية للإنتاج الفلاحي العصري الذي من شأنه أن يؤدي إلى تحسين الوضعية الاقتصادية والاجتماعية لأعضاء الجماعات السلالية.

ونظرا إلى أن نمط الاستغلال السائد في الأراضي الجماعية المبني على الانتفاع لا يتناسب مع ما يتطلبه استغلال الأراضي الفلاحية المسقية من استثمارات وتجهيزات فقد صدر الظهير الشريف رقم 1.69.30 بتاريخ 25 يوليوز 1969 المتعلق بالأراضي الجماعية الواقعة في دوائر الري، الذي نص على مسطرة تؤدي إلى تمليك هذه الأراضي لفائدة ذوي الحقوق. وقد تم لاحقا، تنفيذا للتعليمات الملكية السامية في الموضوع، اتخاذ الإجراءات القانونية والتنظيمية والإدارية لتوسيع عملية التمليك لتشمل بعض الأراضي الفلاحية البورية على غرار ما يتم بالنسبة للأراضي المسقية.

تمليك الأراضي الواقعة في دوائر الري:
لقد نص الظهير الشريف رقم 1.69.30 بتاريخ 25 يوليوز 1969 على مسطرة تؤدي إلى تحويل الملكية الجماعية للأراضي إلى ملكية مشاعة، في مرحلة أولى، بين أعضاء الجماعة السلالية حيث أضفى عليهم صفة ذوي الحقوق، ثم في مرحلة ثانية بتحويل الملكية المشاعة إلى ملكية فردية، من خلال إنجاز تجزئة فلاحية وخلق قطع أرضية مفرزة.

وتشمل عملية تمليك الأراضي الجماعية الواقعة داخل دوائر الري مساحة قدرها 346.000 هكتار تقع في الدوائر السقوية الكبرى وتهم 522 جماعة سلالية، منها 67.000 هكتار تقع بمنطقتي الغرب والحوز يتم عملية تدبير تمليكها لفائدة ذوي الحقوق بشراكة مع برنامج تحدي الالفية.

وقد عرف تطبيق الظهير المشار إليه أعلاه ظهور بعض الإكراهات والصعوبات المرتبطة بتصفية الوضعية القانونية للعقارات المراد تمليكها وإعداد لوائح ذوي الحقوق وإحداث التجزئات الفلاحية و تعيين المستفيدين وعدم توفير الإمكانيات المالية الضرورية، الشيئ الذي حال دون تحقيق الأهداف المتوخاة من الظهير السالف الذكر خلال السنوات الماضية.

وإذا كان تطبيق مسطرة التمليك قد عرفت بعض الإكراهات والصعوبات التي أثرت سلبا على وتيرة الإنجاز، فقد عرفت هذه العملية في السنوات الأخيرة انطلاقة ودينامية جديدة، تتجلى بالخصوص في الجهود التي يتم بذلها من أجل رفع الإكراهات التي تعترضها.

وفي هذا الإطار، فقد عرفت عملية التمليك تحولا هاما على إثر تنظيم المناظرة الوطنية في موضوع "السياسة العقارية للدولة ودورها في التنمية الاقتصادية والاجتماعية"، المنعقدة بالصخيرات يومي 8 و9 دجنبر2015. حيت دعا جلالة الملك محمد السادس، نصره الله، في الرسالة السامية التي وجهها إلى المشاركين في أشغال هذه المناظرة إلى الأسراع في عملية تمليك هذه الأراضي لفائدة ذوي الحقوق، حيث قال جلالته بهذا الخصوص ما يلي ::"... وفي هذا الصدد ندعو الى تظافر الجهود من أجل إنجاح عملية تمليك الأراضي الجماعية الواقعة داخل دوائر الري لفائدة ذوي الحقوق مع مجانية التمليك...".

وتنفيذا للتعليمات الملكية السامية تم إصدار المرسوم رقم 2.16.135 بتاريخ 20 ابريل 2016، والقاضي بإعفاء الأراضي الجماعية الواقعة بدوائر الري، من الوجيبات المتعلقة بالتحفيظ العقاري. ويهم الأمر جميع الإجراءات المتعلقة بتحفيظ الأراضي الجماعية الواقعة كلا أو بعضا داخل دوائر الري بما في ذلك تقييد القطع الأرضية الممنوحة للمستفيدين في الرسوم العقارية.

كما تم في شهر يونيو 2017 الشروع في تمويل قدره 33 مليون دولار على مدى 5 سنوات، من أجل إنجاز عمليات تمليك الأراضي الواقعة في دوائر الري بمساحة قدرها 67.000 هكتار بمنطقتي الغرب والحوز، وذلك في إطار برنامج حساب تحدي الألفية الموقع من طرف الحكومتين المغربية والأمريكية، مع تتبع هذا المشروع.

وبهدف تنظيم عملية التمليك وتقوية التنسيق مع الشركاء المعنيين تم إعداد وتعميم الدورية المشتركة بين وزارة الداخلية ووزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات رقم 3726 بتاريخ 23 يوليوز 2018 ، من أجل تبسيط المسطرة وتحديد جميع مراحل تنفيذ عملية التمليك.

ومن جهة أخرى عملت وزارة الداخلية على إدراج الظهير الشريف رقم 1.69.30 بتاريخ 25 يوليوز 1969 السالف الذكر ضمن الورش المتعلق بإصلاح الإطار القانوني المنظم للجماعات السلالية وتدبير أملاكها، حيث صدر في شهر غشت 2019 القانون رقم 64.17.

وقد أدخل القانون المذكور تغييرات هامة على ظهير 25 يوليوز 1969 السالف الذكر من أجل تبسيط المسطرة ورفع بعض العوائق، وخاصة من خلال نقل اختصاص البت في الطعون المقدمة ضد لوائح ذوي الحقوق المعدة من طرف نواب الجماعات السلالية من مجلس الوصاية المركزي إلى مجالس الوصاية الإقليمية، وكذا حل المشكل الذي كان يطرحه تعيين أحد ورثة المستفيد المتوفى قبل إتمام مسطرة التمليك دون باقي الورثة، حيث تم إخضاع هذه المسألة لقواعد الإرث المعمول بها.

وبفضل التدابير السالف ذكرها فقد تمت مباشرة الإجراءات على مستوى عدة أقاليم ومكاتب جهوية للاستثمار الفلاحي من أجل الإسراع بإنجاز مراحل عملية التمليك، بما في ذلك تصفية الوضعية القانونية للأراضي المعنية وإعداد لوائح ذوي الحقوق، وإنجاز التجزئات الفلاحية من أجل إحداث القطع الأرضية التي سيتم إسنادها للمستفيدين، وتنصيب ذوي الحقوق في هذه القطع، وتحفيظ القطع المحدثة باسمهم.

ويتم التنسيق والتعاون بشأن إنجاز المهام الرئيسية الضرورية لتقدم عملية التمليك بين مصالح وزارتي الداخلية والفلاحة، وبين العمالات والأقاليم والمكاتب الجهوية للاستثمار الفلاحي على الصعيد الإقليمي والجهوي. كما يتم تتبع وتقييم إنجاز هذا الورش، وخاصة من خلال عقود الأهداف/الوسائل.

تمليك الأراضي الواقعة في المناطق البورية:
من بين التوصيات المنبثقة عن الحوار الوطني حول الأراضي الجماعية الذي تم تنظيمه خلال شهري أبريل وماي 2014، تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره اللله، تمليك الأراضي الجماعية الفلاحية الواقعة خارج الدوائر السقوية إلى مستغليها من أعضاء الجماعات السلالية، مع مراجعة القوانين الجاري بها العمل من أجل فتح إمكانية تمليك الأراضي البورية لذوي الحقوق.

وتقدر المساحة الإجمالية للأراضي التي يمكن تمليكها بنحو مليوني (2) هكتار، أما الآثار التي ستترتب عن عملية التمليك فستكون في غاية الأهمية، على اعتبار أنها ستغير وضعية أعضاء الجماعات السلالية المعنيين، إذ أنها ستمكنهم من الاستقرار في القطع الأرضية التي يستغلونها وستشجعهم على الاستثمار فيها.

وبتاريخ 12 أكتوبر 2018 تم الحسم في هذه المسألة بصفة نهائية من خلال الخطاب السامي الذي ألقاه جلالة الملك محمد السادس نصره الله أمام أعضاء مجلسي البرلمان بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الثالثة من الولاية التشريعية العاشرة، الذي ورد فيه بالنسبة لأراضي الجماعات السلالية ما يلي: "... وعلى غرار ما يتم بخصوص تمليك الأراضي الجماعية الواقعة داخل دوائر الري، فإنه أصبح من الضروري إيجاد الآليات القانونية والإدارية الملائمة لتوسيع عملية التمليك لتشمل بعض الأراضي الفلاحية البورية لفائدة ذوي الحقوق.
ويجب القيام بذلك وفق شروط محددة تجمع بين الإنجاز الفعلي للمشاريع، والحد من التجزئة المفرطة للاستغلالات الفلاحية، وتوفير المواكبة التقنية والمالية المطلوبة...".

وبمجرد صدور التعليمات الملكية السامية بخصوص عملية التمليك في المناطق البورية باشرت مصالح وزارة الداخلية الإجراءات الللازمة لتنفيذ هذه التعليمات، حيث تم في هذا الإطار مباشرة الورش المتعلق بإصلاح الإطار القانوني المنظم للجماعات السلالية وتدبير أملاكها، الشيء الذي نتج عنه صدور ثلاثة قوانين، منها القانون رقم 62.17 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.19.115 بتاريخ 9 غشت 2019 بشأن الوصاية الإدارية على الجماعات السلالية وتدبير أملاكها، والذي فتح إمكانية تمليك الأراضي الجماعية البورية من خلال مقتضيات المادة 17 منه، التي تنص على ما يلي:
" يمكن تقسيم الأراضي الفلاحية التابعة للجماعات، والواقعة خارج دوائر الري وغير المشمولة بوثائق التعمير، وإسنادها على وجه الملكية المفرزة أو المشاعة، لفائدة عضو أو عدة أعضاء بالجماعة السلالية المعنية، ذكورا وإناثا...".

ومن أجل تطبيق أحكام القانون رقم 62.17 المشار إليه صدر المرسوم رقم 2.19.973 بتاريخ 9 يناير 2020 الذي يتضمن مقتضيات تطبيقية وتفصيلية، ومنها مقتضيات تتعلق بتطبيق المادة 17 من القانون المذكور.

وتطبيقا للفقرة الثانية من المادة 17 من القانون رقم 62.17 والمادة 21 من المرسوم التطبيقي تم إصدار القرار المشترك لوزير الداخلية ووزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات رقم 850.20 بتاريخ 28 فبراير2020 المتعلق بتحديد المساحة الدنيا للقطع الأرضية التي يمكن تمليكها، والذي حدد هذه المساحة في 10 هكتارات لكل قطعة.

ومن أجل توضيح كل ما ورد في النصوص القانونية والتنظيمية المشار إليها تم إعداد وتعميم الدورية الوزارية عدد 6303 بتاريخ 13 مايو 2020، التي تتطرق إلى نوعية العقارات التي يمكن تمليكها والشروط اللازم توفرها في المرشحين للتمليك، إضافة الى مراحل المسطرة التي يتعين سلوكها من أجل إنجاز هذه العملية.

فبالنسبة للعقارات التي يمكن تمليكها يجب أن تتوفر فيها الشروط التالية:

  • - أن تكون مستغلة لأغراض فلاحية،
  • - أن تكون محفظة وخالية من التحملات العقارية ،
  • - أن تكون واقعة خارج دوائر الري وغير مشمول بوثائق التعمير،
  • - أن يتم تعيينها بمقتضى قرار لوزير الداخلية.

هذا بالنسبة للعقارات التي يمكن تمليكها بصفة إجمالية، أما فيما يخص القطع الأرضية التي يمكن تمليكها داخل هذه العقارات لشخص أو على الشياع لعدة أشخاص فيجب ألا تقل مساحتها عن 10 هكتارات، على أنه يمكن دمج قطعتين أوأكثر لتكوين المساحة الدنيا المسموح بها.

و بالنسبة للشروط التي يتعين توفرها في طالب التمليك فهي كما يلي:

  • - أن يكون مقيدا في لائحة أعضاء الجماعة السلالية المصادق عليها،
  • - أن يكون قد استفاد بكيفية قانونية من الانتفاع بحصة جماعية وأن يكون مستغلا لها بصفة مستمرة ومباشرة،
  • - أن يلتزم بإنجاز مشروع استثماري فلاحي فوق الأرض التي يستغلها.

وفيما يخص المراحل التي تمر منها عملية التمليك فهي كالتالي:

  • - إصدار القرار الوزاري المتعلق بتحديد العقار الذي يمكن تمليكه وإشهاره عن طريق التعليق،
  • - قديم الطلبات من طرف المرشحين للتمليك،
  • - دراسة الملفات المتعلقة بطلبات التمليك من طرف لجنة إقليمية والمصادقة عليها من طرف مجلس الوصاية المركزي،
  • - إبرام عقود التمليك وتقييدها بالمحافظة على الأملاك العقارية رفقة دفاتر التحملات والملفات التقنية،
  • - تتبع إنجاز المشروع الفلاحي الملتزم به من طرف المستفيد من التمليك، ومنحه شهادة رفع اليد في حالة الإنجاز التام، أو فسخ عقد التمليك في حالة عدم الإنجاز.

وبالإضافة إلى إصلاح الإطار القانوني باشرت مديرية الشؤون القروية بتنسيق وتعاون مع عمالات وأقاليم المملكة ضبط العقارات المعنية من خلال إحصاء العقارات القابلة للتمليك وإعداد التصاميم المتعلقة بها، وضبط العنصر البشري من خلال اتخاذ التدابير اللازمة من أجل تسريع وتيرة إعداد لوائح أعضاء الجماعات السلالية من طرف جماعات النواب، والمصادقة عليها من طرف مجالس الوصاية الإقليمية، مع تقديم الدعم والتأطير للعمالات لإنجاز هذه المهام.

وموازاة مع ذلك تم الشروع في إعداد القرارات الوزارية التي تأذن بالتمليك لفائدة أعضاء الجماعات السلالية طبقا لمقتضيات القانون رقم 62.17، والمرسوم التطبيقي المتعلق به، في أفق تمليك مساحة 500.000 هكتار في مدة 5 سنوات، على أساس 70.000 هكتار في السنة، مع الإشارة إلى أنه تم إعداد القرارات الوزارية المتعلقة بتمليك مساحة تقدر بحوالي 200.000 هكتار.

ومن جهة أخرى تقوم اللجن الإقليمية المكلفة بالتمليك، والسلطات المحلية ونواب الجماعات السلالية بحث المستفيدين على التجمع، وذلك عن طريق التأطير والتوعية والمواكبة، مع الشروع خلال سنة 2022 في مشاريع نموذجية في بعض الأقاليم ثم بعد ذلك برمجة عامة على صعيد جميع الأقاليم المعنية.

وسيتم اللجوء إلى رقمنة الملفات المتعلقة بطلبات التمليك من أجل تسريع وتيرة معالجة هذه الملفات، قصد التعجيل بتقديمها إلى مجلس الوصاية المركزي من أجل المصادقة والمرور إلى مرحلة إبرام عقود التمليك مع المستفيدين .

وتجدر الإشارة إلى أن ورش التمليك يندرج، إلى جانب ورش تعبئة العقارات الفلاحية المملوكة للجماعات السلالية من أجل الاستثمار، في الاتفاقية الخاصة المبرمة سنة 2019 بين مديرية الشؤون القروية والعمالات والأقاليم، والتي تهم الفترة من 2020 إلى 2025، من أجل الإسراع في تنفيذ الورشين المذكورين وتتبع الإنجاز وتقييم الأداء.

كما أنه تم إدراج عملية التمليك ضمن الأوراش ذات الأولوية ضمن مخطط العمل الاستراتيجي الذي يشمل الفترة من 2022 إلى 2026، هذا بالإضافة إلى أنه سيتم تتبع التنفيذ وتقييم الأداء من خلال عقود الأهداف/الوسائل التي تبرمها مديرية الشؤون القروية كل سنة.

أعلى الصفحة